غزة تستحق الحياة

كتبت ب2أيلول 2014
خلال العدوان على قطاع غزة والذي استمر لما يقرب من الخمسين يوما شاهدنا مناظر لجثث ولجرحى شوهوا مشاهد اقشعرت لها الابدان كل ما شهدناه كان من خلف الشاشات،لكن عندما ترى المشهد امامك يصبح المشهد اصعب ،ثلاثة جرحى من مصابي العدوان على غزة التقيت بهم في مستشفى الاهلي بالخليل ،أن ترى على الشاشة وان تشاهد على ارض الواقع مشهد مؤلم ومختلف في قسوته، اسراء ومحمد ورسمي كان لهم نصيب من الوجع والخذلان فطائرات الاحتلال كانت لهم بالمرصاد ،من اكثر الحالات التي آلمتني اسراء النملة والتي كانت ممن شهدوا المجزرة التي ارتكبها الاحتلال في مدينة رفح صبيحة الاول من آب،والتي فقدت كلتا قدميها نتيجة الصاروخ الذي سقط عليها وعائلتها وهي تهمُ بمغادرة المنطقة التي تعرضت لقصف شديد حينها

،قالت لي اسراء وهي تنظر للجزء السفلي من جسدها متحسرةً على قدمين بترتا بين ليلةٍ وضحاها :””الحمد لله بطلع على حالي بقول لسه بشوف بعيني وايديه لساتهن بتحركن،مش مشكلة رجليّ راحن الحمد لله على كل حال.” اسراء ليست وحدها من ذاق الالم فزوجها وابنها كان لهم نصيب من الالم واخرون من عائلة زوجها استشهدوا،شقيق زوجها وزوجته رزقوا بعد معاناة لقرابة الخمس سنوات بطفلِ كحل عيونهم قبل ذلك اليوم الاليم ،الابوين ذهبوا تاركين خلفهم احمد ابن الاربعة اشهر ،اسراء اليوم بحاجة لعملية زراعة للاطراف بعد ان فقدت كلتا قدميها ،ولمحمد كراجة (19 عاما) قصة مع الالم وإن اختلفت التفاصيل قليلا إلا إن مصدرها واحد ،محمد كان من بين من شهدوا مجزرة سوق الشجاعية الشهر المنصرم عندما خرج من المحل الذي يتخذ منه مصدر رزق له ولعائلته ليهم بمساعدة من جرحوا نتيجة القصف الذي باغت من كان في السوق حينها ليصبح هو الاخر خلال دقائق بحاجة لمن يهم لمساعدته محمد اصيب بكلا قدميه بشظايا صاروخ مزقت بعضا من لحم القدم لكن القدر شاء له ان لا تبتر قدميه مثل اخرين كثر بترت اقدامهم وايديهم واعضاء اخرى ،محمد رقد في مشفى الشفاء في غزة قرابة الاسبوعين قبل مجيئه للعلاج في الخليل فنتيجة للاكتظاظ في المستشفى خلال تلك الفترة وللعدد الكبير من الجرحى والشهداء انتشرت البكتيريا في الجو مما ادى لالتهاب الجرح في قدميه والذي اكتشف بعد مجيئه للخليل ، محمد بانتظار شفائه من البكتيريا لخضوعه لعملية زراعة للجلد بعد ان خضع لعدة عمليات رمم خلالها الاطباء اللحم الذي فُقد.
كثيرا ما تنتابني حالة من الاكتئاب والسوادوية بعد العودة من المستشفى سواء لزيارة احدهم او حتى المراجعة لسبب ما،لكن الاسبوع المنصرم انتابتني بصورة مغايرة صورة ما زالت مرسومة في ذاكرتي لن تذهب طالما بقيت الروح على قيد الحياة .
هذا طبعا جزء صغير لبعض من صورة المعاناة لمن شهدوا العدوان على غزة والذي لم ينتهي بوقف اطلاق النار فصور ألمه ما زالت مستمرة .
لسان حال من التقيتهم كان يقول :”ونحنُ لم نحلم إلا بحياةٍ كالحياة”