صناعة الزجاج في “الخليل”: إرث تاريخ مهددٌُ بالاندثار


Warning: sprintf(): Too few arguments in /home/clients/ed3c6347dbe4ca3a4321eb32fe384a07/arablog/wp-content/themes/bizznis/lib/functions/shortcodes.php on line 229

20141221_142049في مصنع صغير للزجاج والخزف اليدوي على مدخل خليل الرحمن الشمالي، يتخذ الحاج فوزي النتشة منه مكانًا للمحافظة على مهنة ورثها عن أبيه وجده، والتي تشكل هوية ثقافية وتراثية لخليل الرحمن المشتهرة بها أكثر من غيرها من المدن الفلسطينية.

إبداعٌ وهوية تراثية

يشير النتشة إلى أن حرفة تصنيع الزجاج في المدينة بدأت بأشياء بسيطة كتصنيع الخرز والحلي والكرات الدائرية، وتطورت لاحقا لصناعة الزجاج بمنتجاته المختلفة: أواني وكاسات ومزهريات وفوانيس وتحف فنية، تعكس جانبا من آثار المدينة ومقدساتها.

 يعود تاريخ صناعة الزجاج والخزف بالمدينة إلى أيام الحكم العثماني قبل حوالي 500 عام، و تجلت فيها مظاهر الإبداع والجمال، حتى أن إحدى الحارات في منطقة البلدة القديمة من المدينة سميت بحارة” القزازين”، نظرا لكثرة العائلات العاملة بالحرفة.

الحاج الستيني ورث الحرفة عن جده منذ سبعينيات القرن الماضي، يعمل على توريثها لأبنائه، حينها كان صبيًا في السابعة من عمره، يستغل عودته من المدرسة، ليذهب إلى زيارة جده في محله، حيث يصنع الخزف، وهناك يتعلم منه ما تخطه أنامله من قطع فنية تسر الناظرين، ليتخذها حرفة له لاحقا، ثم بتركه المدرسة بعمر 13 عامًا، ليداوم في محل جده الصغير، فيكبر وتكبر معه حرفته إلى يومنا هذا.

حرفة الأجداد تلك في طريقها للاندثار، نظرا لتراجع الاهتمام المحلي بها، حيث أن نسبة كبيرة من السوق المحلي تعتمد على المستورد وتشجعه، يقول الحاج فوزي:” صناعتنا تضاهي المستورد، وأفضل منه، وأقل ثمنًا، لكن التاجر والمستهلك يفضل المستورد على صناعة ابن البلد، وهو ما دفعني للاستغناء عن عدد العاملين وصل للنصف، نظرًا لعدم مقدرتي على تغطية كافة مصاريفهم، ناهيك عن المصاريف التشغيلية اليومية للمصنع، والتي تصل لخمسة آلاف شيكل من مواد ومعدات.”

ويؤكد النتشة أن الاعتماد الأكبر في دخل المصنع على ما يتم تصديره للخارج، بالإضافة إلى السياح الذين يأتون للمدينة، ويستمتعون بما تنتجه من تحف أثرية نادرة تشدهم إليها، ويعمل النتشة على الترويج لمنتجاته من خلال مشاركته في معارض خارجية، وهو ما يزيد الأعباء المالية عليه، نظرا لتحمله وحده التكاليف كلها دون دعم من أحد المؤسسات.

يعمل أحمد الكفراوي في مصنع النتشة منذ ما يزيد عن الأربعين عاما، ويعد أحد العمال المحترفين للصنعة، يعتبرها شيء يصعب الاستغناء عنه، ويقول:” حتى ولو قررت العمل بحرفة أخرى لا أستطيع إنجازها بأتم وجه، صناعة الخزف أصبحت في دمي، هوايتي أُفرغ من خلالها ما يدور في مخيلتي من رسومات عديدة”.

يتحدث عن آلية تصنيع الخزف” تتكون تركيبة الخزف من الطينة المصنعة وصوان البحر والملح والرمل والفحم حيث تجمع مع بعضها في بركة ماء وتخلط ومن ثم يتم تنشيفها، وبعدها يتم تنخيل الخلطة، ويأخذ الناعم منها، فتصبح مثل الملتينة ليتم تصنيعها بالشكل الذي نريده، ومن ثم يتم شغلها على الدولاب وبعدها تدخل الفرن على درجة حرارة تصل ل1000 درجة لتصبح بالتشكلية المطلوبة(المزهرية أو الكاسة أو الفخارة )، تأتي مرحلة الرسم اليدوي على القطعة، والتلوين، وبعدها تدخل مرحلة طلي الزجاج على الفخار، ويدخل الفرن على درجة 1070 لمدة 12 ساعة لتخرج بشكلها النهائي المزّين الجميل.

النساء أيضا يعملن

العمل في المصنع لم يقتصر على الرجال، وإنما لاحظنا وجود العنصر النسوي، واللواتي يعملن على استغلال ما لديهن من ذوق في الألوان لتشكيل التحف والمنتجات، بريشة فنان، تخط أماني حنتش وزميلتها بأناملها على منتجاته المختلفة بألوان جميلة وجذابة وتبعث في نفسه التفاؤل والسعادة.

وتؤكد حنتش أن هناك أنواعًا معينة من الألوان تستخدم لتلوين الخزف، حيث يستخدمن ألوان الأكسيد لتثبيت اللون على القطعة، والذي يحتاج لدقة عالية خاصة بالقطع الصغيرة، حيث يستلمن ما يرد لهن من قطع أنهيت بشكلها الأولي لتلوينها.

مهددة بالاندثار

يجلس سامر النتشة أمام فرن تصل درجة حرارته لـ 1500، ويشير أن المصنع أيضًا يعتمد على الزجاج المكسّر، والذي يعاد تدويره بجهد بشري، ويوضح أن ما يولد الحرارة المرتفعة هذه هو الزيت المحروق الموجود في محركات السيارات، بالإضافة لكور هواء يساعد على الاشتعال، والذي يعمل على تصنيع ما يريد من أشكال من خلال زجاج مصهور موجود في حوض داخل الفرن، حسب الشكل الذي يريد تصنيعه يستخرج الكمية التي يحتاجها والتي يلفها بأنبوب معدني ومن ثم يدحرجها وينفخ فيها، ليعطيها الشكل المراد، بعدها يقوم بإدخاله لفرن آخر، ثم مكان آخر لتبريده ببطء، لذلك يضعه لمدة ساعة في الفرن ليبرد براحته(…) عملية معقده يحفظها سامر، وبالكاد تعيها ذاكرتي.

تصنيع الزجاج والخزف يعتمد بجزئه الأكبر على الجهد البشري فلا آلالات تقوم بتصنيعه، وإنما بأيدٍ بشرية، تعمل بشكل دؤوب ليخرج الزجاج المزخرف بشكله النهائي.

 ولكن تبقى هذه الصناعة التي تعبر عن هوية شعب وتراثه وثقافته مهدده بالاندثار، في ظل عدم الاهتمام المحلي بها ودعمها، وهو ما أكده أرباب العمل من قلة الدعم المحلي والمؤسساتي للحرفة أو حتى الترويج لها، مما دفعهم الأعوام السابقة إلى تقليل عدد العاملين لديهم، لقلة المردود المادي لتغطية مصاريف العمال، فضلًا عن أن بعض المصانع أغلقت أبوابها منذ سنوات للأسباب ذاتها، التصدير للخارج يكلفهم كثيرًا في ظل المبالغ المفروضة من الجمارك الإسرائيلية والتضييق عليهم على المعابر التجارية المسيطرة عليها إسرائيل.

*تقريري والذي نشر في شبكة نوى الإخبارية


Warning: printf(): Too few arguments in /home/clients/ed3c6347dbe4ca3a4321eb32fe384a07/arablog/wp-content/themes/bizznis/lib/frontend/post.php on line 348
You are not authorized to see this part
Please, insert a valid App IDotherwise your plugin won't work.

Reader Interactions

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *