“صنّاع الثورة “اسم خاص بفرقة الراب التي شكَلها الشقيقان محمد وأسامة السوسي من قطاع غزة، لم يرتبط بثورات شعوب أرادت التحرر، بقدر ارتباطه بهدفهما في تغيير واقعهما. علّهما يشيدا ربيعهما الخاص.
في غرفة صغيرة مهترئة الجدران، يزين أحد واجهاتها صورة لثوار قادوا ثورات ضد المستعمرين، وبعض رسومات قديمة، يتخذ الشقيقان السوسي منها مقرا لتسجيل ما يجول في خواطرهما من كلمات تصلح أغنيات لفن الراب الذي يجيدانه.
سنة 2009، أنشأ الشقيقان السوسي فرقتهما الفنية لأغاني الراب، واجهت معارضة وقمع من عدة جهات سياسية ومؤسسات مجتمعية- كما يشيرا. يقول محمد السوسي، 21 سنة” يسّمونا بالفن الساقط، يلمحون بذلك دون التصريح، لذا نحن حتى اليوم مجرد فنانين يوتيوب! في إشارة إلى عدم استطاعتهم إقامة حفلات خاصة بفنهم.”
الراب نوع من أنواع الغناء، أحد فروع ثقافة الهيب هوب الرئيسية التي ظهرت في أمريكا الجنوبية في بداية السبعينات عند السود والأفارقة، وانتشرت عالمياً منذ بداية التسعينات. تقوم فكرته على ترديد الأغنية بقافية معينة، ولها موسيقى وإيقاع خاصين.
ينتهي محمد وأسامة من كتابة كلمات أغانيهم واختيارها بعناية،منها أغنية “في بينا أمل، لتحرير نحلم فيه. في بينا وعي، لازم نحارب فيه. في بينا قدس، محتاج فينا النور. في بينا وطن املو فينا بالتحرير.”،التي صدرت العام المنصرم، ثم باستخدام أدوات موسيقية بسيطة ومتوفرة في غرفتهما الصغيرة، يلحِنون كلمات الأغنية على الإيقاع الذي يختارون،وبعدها يذهبون لأحد الاستديوهات ويقومان بتسجيل الأغنية بصورتها النهائية،يقول محمد:”عند توفر النقود نقوم بالدفع لهما لقاء استخدامنا الاستديو.”
السوسي يتمسكا بموهبتهما رغم الرياح الكثيرة التي تعصف بها، يقول محمد” الانغلاق الثقافي بسبب سوء الأوضاع السياسية، محبط جدًا لنا، عدا عدم وجود دعم ومساندة، وقلة انتشار لفننا، رغمًا سنستمر في ذات الطريق”.
محمد وأسامة عبر فرقتهما، يصنعنا بهذا اللون من الفن ثورتهما الخاصة، يقول أسامة(20) عاما” قصة الثورة في فرقتنا بسيطة جدا، لا ترتبط بالثورات العربية التي ذاع صيتها أخيرًا، بل تتعلق بنا، وبالطاقة القوية التي نمتلكها، والقادرة على التغيير، رغم نقص الإمكانيات”. هذه الإمكانيات يستعيضان عنها بمساعدة أصدقاء مقربين من مصورين ومنتجين لإخراج عملهم الفني بصورته النهائية.
وجد الشابان في تواصلهما مع الفنان اللبناني الملتزم أحمد قعبور للحصول على إذنه لاستخدام كلمات أغنيته “بدي غنيّ للناس” في أغنية لهما، دافعًا قويًا لاستمرارهما في طريق فنهما، هذا التواصل كما يشير محمد كان فكرة من أحد أصدقائهما، استهوتهما، وأرسلا رسالة للفنان قعبور عبر البريد الالكتروني، حتى جاء الرد بعد أسبوعين، يقول أسامة” كنا فقدنا الأمل من الرد، لكنه جاءنا بالنهاية”. وهو ما دفعهم لاحقًا لاستخدام أغنية “أناديكم” وتوزيعها موسيقيا من جديد، نالت استحسان الفنان قعبور، واتصل بهما مبديّا إعجابه بطريقتهما في تناولها، قائلا:”أنتم أحييتم الأغنية والتي يزيد عمرها عن 34 عاما”،
13 أغنية هي رصيد ما أنتجه محمد وشقيقه أسامة خلال ست سنوات، ضمن الإمكانيات التي أُتِيحت لهما، إلا أنهما لم يتمكنا من إنتاج ألبوم كامل لأغانيهما، نظرا لعدم توفر الدعم المادي الكافي، يقول محمد” أحيانًا نضطر للدفع من جيوبنا لإيصال فننا، لا تقام لنا حفلات، نقبل بالظهور في مشاركات سنوية ضمن فقرات منوعة تحيي مناسبة ما، ” لا تليق بنا، ولكنها فرصة للظهور”. علّ الأحلام المؤجلة تقترب”.
*تقريري لشبكة نوى الإخبارية
أضف تعليقاً